بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .
حكم المظاهرات
السؤال:
نقوم أحيانا بمظاهرات؛ للتعبير عن احتجاج، أو رفض، أو تأييد لموقف ديني، أو سياسي، أو غيره، فما حكم المظاهرات من الناحية الشرعية؟
المفتي: خالد عبد المنعم الرفاعي
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإن المظاهرات وغيرها من طرائق التعبير عن الرأي، والتأثير على الآخر، وهي مجرد وسائل لغايات، وليست غاية في ذاتها، وما كان على هذا النحو، فإنه ينظر إليه من جهتين:
الأولى: من جهة الغاية التي تنظم المظاهرة من أجلها: فمن المعلوم أننا لا نحكم على الوسائل بحكم منفصل عن الغاية المقصودة من ورائها؛ لأن المتقرر أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فإذا كان القصد مطلوباً شرعاً -من حيث هو- فإنه يشرع التوصل إليه بكل وسيلة غير ممنوعة شرعاً؛ فمثلاً: نصرة المسلم المظلوم مطلوبة شرعاً؛ لقوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال:72]، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" (رواه البخاري عن أنس).
هذا: والغايات تتناولها الأحكام التكليفية الخمسة: الوجوب، والحرمة، والاستحباب، والكراهة، والإباحة، فإذا كانت الغاية واجبة كالحج مثلاً كانت الوسيلة المستخدمة في الوصول للحج كذلك واجبة، وإذا كانت الغاية محرمة كالزنا حُرِّمت الوسيلة كذلك، من سفر وغيره، وإن كانت الغاية مباحة كالتجارة، كانت وسيلتها من سفر وغيره مباحة ما لم يرد في الشرع ما يحرمها... وهكذا.
الثانية: من جهة الوسيلة المستخدمة في التعبير عن الغرض، المُتوصَّل بها إلى الغاية: هل هي مأمور بها شرعاً، أم ممنوعةٌ أم مسكوت عنها؟
- فإن كانت تلك الوسيلة مأموراً بها: فلا شك في مشروعيتها، مثل السعي لشهود صلاة الجمعة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9] ونحو ذلك.
- وإن كانت الوسيلة ممنوعة: فإن كان منعها منع تحريم، فإنه يحرم اتخاذها، أو التوصل بها إلى أي غاية، حتى وإن كانت الغاية مشروعة، وذلك كمن يسرق ليتصدق؛ فهذا ونحوه لا يلتفت فيه إلى الغاية.
- وإن كانت ممنوعة منع كراهة، فإنه يكره اتخاذها تبعاً لذلك.
- وإن كانت الوسيلة مسكوتاً عنها: فحكمها حكم غايتها -وجوبا واستحبابا وتحريما وكراهية وإباحة- وقد ذهب بعض المعاصرين إلى أن الوسائل تعبدية وتفتقر إلى النص، وفيه نظر.
والصواب والعلم عند الله ما قدمناه من أن الوسيلة تأخذ حكم غايتها –مقاصدها- حتى يأتي نهي من الشرع، وأن الوسائل غير منحصرة.
فكل وسيلة قديمة أو مستحدثة إذا كانت غير ممنوعة شرعاً ويغلب على الظن أنها تحقق هذا المقصد فإنها جائزة؛ فاستخدام الطائرات مثلاً وغيرها من الطرق الحديثة في الجهاد، واستخدام الحاسوب والشريط المسجل والمطويات والإنترنت ونحوها في الدعوة إلى الله، لا يعد من بدع العصر الحديثة.
قال الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة المشرف العام على موقع الإسلام اليوم: "لا نرى بأساً أن يجتمع المسلمون للإعراب عن احتجاجهم على معاناة إخوانهم في فلسطين؛ بحيث تكون مظاهرة سلمية؛ وهذا من نصرة إخوانهم، وله أثره البالغ على اليهود، وعلى من يناصرهم في كل مكان، ومن ثمراته أنه يوصل الرأي الإسلامي إلى الشعوب الغربية، التي طالما هيمن اليهود على عقولها، وأوصلوا لها رسالة مضللة عن القضية. والأصل في مثل هذه الأمور الجواز، ولا تحتاج إلى دليل خاص".
إذا تقرر هذا: فلا بأس في تنظيم المظاهرات؛ لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على ما يتعرض له إخواننا في فلسطين مثلاً إذا روعيت قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: كألا تؤدي تلك المظاهرات إلى منكر أكبر، من اعتداء على الأنفس والأموال والممتلكات، أو تخريب المرافق العامة، أو أن ينضم إلى المتظاهرين الغوغاءُ والمخربون؛ فيحدث ما لا يحمد عقباه.
وألا تشتمل على محرم: من اختلاط بين الرجال والنساء، أو استخدام شعارات باطلة، أو سباب أو غيره، وفي أي من تلك الحالات: يكون حكمها المنع؛ لأن المباح إذا أفضى إلى محرم منع، والله أعلم.
ـــــــــــــ
نقلاً عن موقع الآلوكة.
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa...atwa_id=15541.
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .
حكم المظاهرات
السؤال:
نقوم أحيانا بمظاهرات؛ للتعبير عن احتجاج، أو رفض، أو تأييد لموقف ديني، أو سياسي، أو غيره، فما حكم المظاهرات من الناحية الشرعية؟
المفتي: خالد عبد المنعم الرفاعي
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإن المظاهرات وغيرها من طرائق التعبير عن الرأي، والتأثير على الآخر، وهي مجرد وسائل لغايات، وليست غاية في ذاتها، وما كان على هذا النحو، فإنه ينظر إليه من جهتين:
الأولى: من جهة الغاية التي تنظم المظاهرة من أجلها: فمن المعلوم أننا لا نحكم على الوسائل بحكم منفصل عن الغاية المقصودة من ورائها؛ لأن المتقرر أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فإذا كان القصد مطلوباً شرعاً -من حيث هو- فإنه يشرع التوصل إليه بكل وسيلة غير ممنوعة شرعاً؛ فمثلاً: نصرة المسلم المظلوم مطلوبة شرعاً؛ لقوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال:72]، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" (رواه البخاري عن أنس).
هذا: والغايات تتناولها الأحكام التكليفية الخمسة: الوجوب، والحرمة، والاستحباب، والكراهة، والإباحة، فإذا كانت الغاية واجبة كالحج مثلاً كانت الوسيلة المستخدمة في الوصول للحج كذلك واجبة، وإذا كانت الغاية محرمة كالزنا حُرِّمت الوسيلة كذلك، من سفر وغيره، وإن كانت الغاية مباحة كالتجارة، كانت وسيلتها من سفر وغيره مباحة ما لم يرد في الشرع ما يحرمها... وهكذا.
الثانية: من جهة الوسيلة المستخدمة في التعبير عن الغرض، المُتوصَّل بها إلى الغاية: هل هي مأمور بها شرعاً، أم ممنوعةٌ أم مسكوت عنها؟
- فإن كانت تلك الوسيلة مأموراً بها: فلا شك في مشروعيتها، مثل السعي لشهود صلاة الجمعة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9] ونحو ذلك.
- وإن كانت الوسيلة ممنوعة: فإن كان منعها منع تحريم، فإنه يحرم اتخاذها، أو التوصل بها إلى أي غاية، حتى وإن كانت الغاية مشروعة، وذلك كمن يسرق ليتصدق؛ فهذا ونحوه لا يلتفت فيه إلى الغاية.
- وإن كانت ممنوعة منع كراهة، فإنه يكره اتخاذها تبعاً لذلك.
- وإن كانت الوسيلة مسكوتاً عنها: فحكمها حكم غايتها -وجوبا واستحبابا وتحريما وكراهية وإباحة- وقد ذهب بعض المعاصرين إلى أن الوسائل تعبدية وتفتقر إلى النص، وفيه نظر.
والصواب والعلم عند الله ما قدمناه من أن الوسيلة تأخذ حكم غايتها –مقاصدها- حتى يأتي نهي من الشرع، وأن الوسائل غير منحصرة.
فكل وسيلة قديمة أو مستحدثة إذا كانت غير ممنوعة شرعاً ويغلب على الظن أنها تحقق هذا المقصد فإنها جائزة؛ فاستخدام الطائرات مثلاً وغيرها من الطرق الحديثة في الجهاد، واستخدام الحاسوب والشريط المسجل والمطويات والإنترنت ونحوها في الدعوة إلى الله، لا يعد من بدع العصر الحديثة.
قال الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة المشرف العام على موقع الإسلام اليوم: "لا نرى بأساً أن يجتمع المسلمون للإعراب عن احتجاجهم على معاناة إخوانهم في فلسطين؛ بحيث تكون مظاهرة سلمية؛ وهذا من نصرة إخوانهم، وله أثره البالغ على اليهود، وعلى من يناصرهم في كل مكان، ومن ثمراته أنه يوصل الرأي الإسلامي إلى الشعوب الغربية، التي طالما هيمن اليهود على عقولها، وأوصلوا لها رسالة مضللة عن القضية. والأصل في مثل هذه الأمور الجواز، ولا تحتاج إلى دليل خاص".
إذا تقرر هذا: فلا بأس في تنظيم المظاهرات؛ لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على ما يتعرض له إخواننا في فلسطين مثلاً إذا روعيت قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: كألا تؤدي تلك المظاهرات إلى منكر أكبر، من اعتداء على الأنفس والأموال والممتلكات، أو تخريب المرافق العامة، أو أن ينضم إلى المتظاهرين الغوغاءُ والمخربون؛ فيحدث ما لا يحمد عقباه.
وألا تشتمل على محرم: من اختلاط بين الرجال والنساء، أو استخدام شعارات باطلة، أو سباب أو غيره، وفي أي من تلك الحالات: يكون حكمها المنع؛ لأن المباح إذا أفضى إلى محرم منع، والله أعلم.
ـــــــــــــ
نقلاً عن موقع الآلوكة.
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa...atwa_id=15541.
3 التعليقات
الإضرابـاتِ والاعتصاماتِ والمُظـاهَراتِ وسائِرَ أساليبِ الديمقراطية هي مِنْ عادات الكُفَّار وطُرُقِ تَعامُلِهم مع حكوماتهـم، وليسَتْ مِنَ الدِّين الإسلاميِّ في شيءٍ، وليس مِنْ أعمالِ أهلِ الإيمانِ المُطالَبةُ بالحقوق ـ ولو كانَتْ مشروعةً ـ بسلوكِ طريقِ تركِ العملِ ونَشْرِ الفوضى وتأييدِها، وإثارةِ الفِتَنِ، والطعنِ في أعراضِ غيرِ المُشارِكين فيها، وغيرِها ممَّا ترفضه النصوصُ الشرعيةُ ويَأْباهُ خُلُقُ المسلمِ تربيةً ومنهجًا وسلوكًا.
وإنَّما يُتوصَّلُ إلى الحقوقِ المطلوبةِ بالطُّرُقِ المشروعة؛ وذلك بمُراجَعةِ المسؤولين ووُلَاةِ الأمر، فإِنْ تَحقَّقَتِ المَطالِبُ فذلك مِنْ فضلِ الله سبحانه، وإِنْ كانَتِ الأخرى وَجَبَ الصبرُ والاحتسابُ والمُطالَبةُ مِنْ جديدٍ حتَّى يفتح اللهُ وهو خيرُ الفاتحين؛ فقَدْ صحَّ مِنْ حديثِ عُبادةَ بنِ الصامت رضي الله عنه ما يُؤيِّدُ ذلك حيث يقول فيه: «دَعَانَا رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَالأَمْرَ أَهْلَهُ»، قَالَ: «إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ»(١)، وزادَأحمد: «وَإِنْ رَأَيْتَ أَنَّ لَكَ»(٢)، أي: «وإِنِ اعْتَقَدْتَ أنَّ لك في الأمرِ حقًّا، فلا تَعْمَلْ بذلك الظنِّ، بل اسْمَعْ وأَطِعْ إلى أَنْ يَصِلَ إليك بغيرِ خروجٍ عن الطاعة»(٣)، وفي روايةِ ابنِ حِبَّانَ وأحمد: «وَإِنْ أَكَلُوا مَالَكَ وَضَرَبُوا ظَهْرَكَ»(٤)، وفي حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا»، قَالُوا: «فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟» قَالَ: «أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللهَ حَقَّكُمْ»(٥)
الشيخ محمد علي فركوس
هذل القول أوضح والمسند من الأول والله أعلم
صدقت جزاك الله خيراً .
هذا خالد عبد المنعم سروري , يظهر لي .
إرسال تعليق