الأدلة على مشروعية المظاهرات
ذكرنا أن من أصدروا هذه الفتاوى المحرمة للمظاهرات لا يعتمدون على أي أدلة شرعية، ولبيان بطلان هذه الفتاوى لا بد من ذكر بعض الأدلة الدالة على مشروعية المظاهرات، وهذا بيان تلك الأدلة :
الدليل الأول: قاعدة "الأصل في الأشياء الإباحة"
المظاهرات لم يرد في الشرع ما يقتضي منعها والأصل فيها الإباحة حتى يرد مانع، وهي باقية على الأصل في المشروعية والإباحة ومن زعم الحرمة فعليه الدليل .
فالقاعدة الفقهية تقول : الأصل في الأشياء الإباحة .
ومعنى هذه القاعدة :
أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا إذا أتى ما يدل على تحريم ذلك الشيء .. وهذا يعم الأعيان والمنافع والمعاملات والأفعال، وكل شيء الأصل فيه الحل .
ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا العبادات كما قال الناظم :
والأصل في الأشياء حل وامنعِ *** عبادة إلا بإذن الشارع
فالأصل في الأعيان الحل : فكل نبت أو حيوان في البر أو البحر فالأصل فيه الحل فيشرع أكله ما لم يقم دليل على حرمته .
و الأصل في المنافع الإباحة : فيجوز للإنسان الانتفاع بكل ما خلق الله في الأرض ما لم يرد دليل بحرمة هذا الانتفاع .
والأصل في الأعمال الحل إذا لم تكن عبادة : فكل فعل أو نشاط أو حركة الأصل فيه الإباحة ما لم يرد دليل بالمنع .
أدلة القاعدة :
ومن الأدلة على صحة هذه القاعدة :
الأدلة من الكتاب :
1- قال تعالى في كتابه : { وَقَدْ فَصلَّ لكُمْ ما حَرَّم عليْكُم } [ الأنعام : 119 ] .
قال شيخ الإسلام:
(والتفصيل التبيين، فبين أنه بين المحرمات، فما لم يبين تحريمه فليس بمحرم، وما ليس بمحرم فهو حلال، إذ ليس إلا حلال أو حرام ) [ مجموع الفتاوى ( 21/536 ) ].
2- قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} [الجاثية: 13]
فعمت الآية وأكدت التعميم، : "ما " اسم موصول تفيد العموم، ثم تأكد هذا العموم بقوله تعالى : "جمعيا".
قال القرطبي :
(استدل من قال إن أصل الأشياء التي ينتفع بها الإباحة بهذه الآية وما كان مثلها حتى يقوم الدليل على الحظر. وعضدوا هذا بأن قالوا: إن المآكل الشهية خلقت مع إمكان ألا تخلق فلم تخلق عبثا، فلا بد لها من منفعة. وتلك المنفعة لا يصح رجوعها إلى الله تعالى لاستغنائه بذاته، فهي راجعة إلينا ) [تفسير القرطبي - (1 / 251)].
3- قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ }
قال الشوكاني :
( فإنه سبحانه أنكر على من حرم ذلك، فوجب أن لا تثبت حرمته، وإذا لم تثبت حرمته امتنع ثبوت الحرمة في فرد من أفراده؛ لأن المطلق جزء من المقيد، فلو ثبتت الحرمة في فرد من أفراده، لثبتت الحرمة في زينة الله، وفي الطيبات من الرزق، وإذا انتفت الحرمة بالكلية ثبتت الإباحة.) [إرشاد الفحول - (2 / 284)].
4- قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا....} الآية .. [الأنعام: 145]،
فجعل الله تعالى الأصل الإباحة، والتحريم مستثنى.
الأدلة من السنة :
1- عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(إن أعظم الناس في المسلمين جرما من سأل عن مسألة لم تحرم، فحرم على المسلمين من أجل مسألته) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام.
وجه الدلالة من الحديث أن الشيء لا يكون محرما حتى يرد النص بتحريمه .
2- عن أبي الشعثاء عن ابن عباس قال :
كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا فبعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه فما أحل فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو وتلا :{ قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما }إلى آخر الآية . رواه أبو داود بإسناد صحيح .
3- عن سلمان الفارسي قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن السمن، والجبن، والفراء، قال: "الحلال ما أحله الله في كتابه، والحرام ما حرمه الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عَفَا عنه" أخرجه الترمذي في كتاب اللباس، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وروى سفيان وغيره عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قوله، وكأن الحديث الموقوف أصح، وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال: ما أراه محفوظا، روى سفيان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان بن سلمان مرفوعًا".
***
وهذه الأدلة من الكتاب والسنة تفيد القطع بصحة هذه القاعدة.
وقد انتقد ابن نجيم الحنفي نسبة القول إلى أبي حنيفة بأن الأصل في الأشياء الحرمة .
1 التعليقات
كل كلامك كان عن قاعدة الاصل في الاشياء الحل ولم ثم ذكرت ادلة القاعدة ومن الكتاب والسنة و...و....و....الخ
ولم تتطرق لأصل المسألة التي عندك وهي مشروعية المظاهرات.
اين الايات والاحاديث المتعلقة بذلك واين اقوال وفعل الصحابة وأئمة المذاهب؟!!! ارجوا التوضيح وشكرا لكم.
إرسال تعليق