| 0 التعليقات ]


 هل المظاهرات في مصر فتنة؟
د. محمد بن صالح العلي
يدور الكلام هذه الأيام عن حكم المظاهرات، وذهاب بعض طلبة العلم الشرعي إلى أن حكم المظاهرات حرام لايجوز، وأن ما وقع في بعض البلاد العربية من مظاهرات تطالب بإسقاط النظام هي من هذا القبيل!!
والسؤال الذي ينبغي طرحه على أولئك الذين أفتوا بعدم جواز المظاهرات: هل مرجعية تلك الأنظمة مرجعية إسلامية أم أن مرجعيتها غير إسلامية؛ لأنه  إذا أريد محاكمة أي نظام لا بد من الرجوع إلى مرجعيته، فمثلاً النظام السعودي يعلن في دستوره مرجعية الشريعة الإسلامية والرضا بحكم الكتاب والسنة، أما النظام المصري والنظام التونسي فيعلن أن مرجعيته غربية ديموقراطية، إذن ينبغي الحكم عليهما من خلال المرجعية الغربية (العلمانية والديموقراطية).
جاء في المادة الأولى في الدستور المصري ما يلي:
(جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديموقراطي يقوم على أساس المواطنة‏،‏ والشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة‏).
وإذا كان الأمر كذلك فينبغي أن نتعرف على النظام الديموقراطي، وهل يسمح بالمظاهرات؟
ينص النظام الديموقراطي الغربي على أن التظاهر شكل من أشكال الديموقراطية، وواحدة من أهم الحقوق الدستورية التي يكفلها القانون لكل فرد ولكل مجموعة. والتظاهر يتم تحديدًا للإعلان إما عن مطالب حقوقية، أو لفقد إحدى المكتسبات الأساسية والرئيسية الحياتية أو المواطنية، أو لتأييد أو رفض وتسجيل مواقف من قضايا داخلية أو خارجية؛ إذن فالتظاهر إضافةً لكونه وسيلة تواصل جماهيرية مع السلطة والمجتمع الدولي، فهو قناة من القنوات الديموقراطية التي وجدت في الأساس من أجل توصيل فكرة، أو رأي، أو تسجيل موقف.
ومن المعروف أن الدول الغربية تسمح بالمظاهرات، بل تشرف عليها وتقوم بحراستها؛ لأنها آلية من آليات الديموقراطية، فمن رضي بالديموقراطية فليرض بآلياتها.
فالدساتير الديموقراطية تجيز المظاهرات كآلية من آليات التعبير عن الرأي، ومعيار من معايير قياس الرأي العام، ومن تلك الدساتير الدستور المصري والدستور التونسي، فإذا قلنا بأن المظاهرات لا تجوز في مصر، وإنها خروج على الحاكم فإننا نخلط في الفهم والتصوّر والرؤية.
ومما يدل على ذلك كلام ومواقف التيار السلفي في مصر الذين أيّدوا تلك المظاهرات؛ بل شاركوا فيها، من أمثال الشيخ محمد حسان وغيره.
وهنا أدعو طلبة العلم الشرعي الذين أفتوا بمنع المظاهرات والتحذير منها إلى مراجعة مواقفهم من خلال هذه الرؤية.

0 التعليقات

إرسال تعليق