| 0 التعليقات ]

تلقَّى فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين استفسارًا من أحد القُرَّاء حول جواز تنظيم المظاهرات في الإسلام للتعبير عن معارضة قضايا ما في الشأن السياسي أو الاقتصادي مثلاً، فهل تنظيمها حرام كما يرى بعض العلماء؛ انطلاقًا من أنها بدعةٌ يرفضها الإسلام؟! وما رأي فضيلتكم فيما ذكره بعض العلماء من عدم مشروعية تسيير المسيرات والمظاهرات؛ تأييدًا لمطالب مشروعة أو تعبيرًا عن رفض أمور معينة في مجال السياسة أو الاقتصاد أو العلاقات الدولية أو غيرها.

وفي ردِّه على السائل أفاد فضيلته بقوله:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه.. أما بعد فمن حقِّ المسلمين- كغيرهم من سائر البشر- أن يسيِّروا المسيرات ويُنشئوا المظاهرات؛ تعبيرًا عن مطالبهم المشروعة، وتبليغًا بحاجاتهم إلى أولي الأمر وصنّاع القرار، بصوتٍ مسموعٍ لا يمكن تجاهله؛ فإنَّ صوتَ الفرد قد لا يُسمع، ولكنَّ صوت المجموع أقوى من أن يُتجاهل، وكلما تكاثر المتظاهرون وكان معهم شخصيات لها وزنها كان صوتهم أكثرَ إسماعًا وأشدَّ تأثيرًا؛ لأن إرادة الجماعة أقوى من إرادة الفرد، والمرء ضعيف بمفرده قويٌّ بجماعته؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (المائدة: من الآية 2)، وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدُّ بعضه بعضًا"، وشبَّك بين أصابعه.

ودليل مشروعية هذه المسيرات: أنها من أمور (العادات) وشئون الحياة المدنية، والأصل في هذه الأمور هو: الإباحة، وهذا ما قررتُه بأدلة- منذ ما يقرب من نصف قرن- في البابِ الأول من كتاب: (الحلال والحرام في الإسلام)، الذي بيَّن في المبدأ الأول أن القاعدة الأولى من هذا الباب: (أن الأصل في الأشياء الإباحة)، وهذا هو القول الصحيح الذي اختاره جمهور الفقهاء والأصوليين.


0 التعليقات

إرسال تعليق